الجمعة، 2 يناير 2009

رأي الإسلام في المخدرات

سؤال: هل ورد ما يحرم التدخين في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ؟
جواب: لم يرد فيه نص باسمه خاصة ، ولكنهُ من الخبائث، فدخل في عموم قوله تعالى : ( ويحرم عليهم الخبائث) ’’ سورة الأعراف , الآية 157 ‘‘وهو ضار، فدخل في حديث ( لا ضرر ولا ضرار ) (1) وإنفاق المال في ما كان خبيثاً ضاراً حرام؛ لكونه تبذيراً ، فدخل في عموم قوله تعالى: ( إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا ) ’’ سورة الإسراء ، الآية 27 ‘‘. وهو من إضاعة المال، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن إضاعة المال(2) .

سؤال : سُئل الشيخ / ابن عثيمين _ رحمة الله عليه _ هذا السؤال / عندما ننصح بعض أصحاب المحلات بعدم أو بحرمة بيع الدخان كما أفتيتم بذلك يقولون : لو كان حراماً كان منعوه فكيف نرد على هؤلاء ؟
جواب : الرد سهلٌ وهو أن نقول لهم : ما مصدر التشريع ؟ عمل الناس أو الكتاب والسنة ؟إن مصدر التشريع هو الكتاب والسنة ، فإذا دل الكتاب والسنة على تحريم شيء فلا عبرة بعمل الناس وليس عمل الناس بحجة ، ولا يمكن أن يدفع الإنسان حجة الله عليه يوم القيامة بمثل هذا إطلاقاً ، لقول الله _ تعالى _ { ويوم يناديهم فيقول ماذا أجبتم المرسلين } ( سورة القصص ، الآية :65 ) ما قال : ماذا وافقتم فيه المجتمع ، قال الله تعالى :{ فعميت عليهم الأنباء يومئذ فهم لا يتساءلون } ( سورة القصص ، الآية: 66 ) ، عميت عليهم أنباؤهم لا يستطيع الواحد منهم أن يجيب ولا يسأل غيره ولو كان عمل الناس حجة لكان لقول الكافرين :{ إنا وجدنا ءابآءنا على أمة } ( سورة الزخرف ، الآية: 22) ، حجة يعذرون بها فأنت أقم عليه الحجة فإن اهتدى فلنفسه وإن ضل فإنما يضل عليها ، قال تعالى _ لرسوله صلى الله عليه وسلم : { فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر إلا من تولى وكفر فيعذبه الله العذاب الأكبر } ( سورة الغاشية الآيات 21_24)

سؤال : سُئل سماحة الشيخ / عبدالعزيز بن عبدالله بن باز _ رحمهُ الله تعالى _ مفتي عام المملكة العربية السعودية السابق هذا السؤال / ما حكم شرب الدخان ؟ .
جواب : (( الدخان محرّم لكونه خبيثاً ومشتملاً على أضرار كثيرة والله _ سبحانهُ وتعالى _ إنما أباح لعباده الطيبات من المطاعم والمشارب وغيرها ، وحرَّم عليهم الخبائث ، قال الله _ سبحانهُ وتعالى _ [ يسئلونك ماذا أُحل لهم قل أُحل لكم الطيبات ] ( سورة المائدة ، الآية 4 ) . وقال _ سبحانهُ وتعالى _ في وصف نبيه محمد صلى الله عليه وسلم فـي ســورة الأعـــــــراف : [ يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ] (سورة الأعراف ، الآية : 157) والدخان بأنواعه كلها ليس من الطيبات بل هو من الخبائث ، وهكذا جميع المسكرات كلها من الخبائث والدخان لا يجوز شربه ولا بيعه ولا التجارة فيه كالخمر ، والواجب على من كان يشربه أو يتجر فيه المبادرة بالتوبة والإنابة إلى الله _ سبحانه _ والندم على ما مضى والعزم على ألا يعود إلى ذلك ، ومن تاب صادقاً تاب الله عليه كما قال الله _ عز وجل _ { وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون } ( سورة النور ، الآية 31) . وقال _سبحانهُ وتعالى _ : { وإني لغفار لمن تاب وءامن وعمل صالحا ثم اهتدى } ( سورة طه ، الآية 82 ) والُله ولي التوفيق

سؤال :وسُئل أيضاً _ رحمة الله عليه _ هذا السؤال : ما حكم شرب الشيشة ؟ وهل حكمها حكم الدخان ؟ وهل تُعتبّر الشيشة والدخان من المخدرات المحرّمة ؟
جواب : (( شرب الشيشة والدخان بأنواعه من جملة المحرّمات لما فيهما من الأضرار الكثيرة وقد أوضح الأطباء العارفون بذلك كثرة أضرارهما وقد حرّم الله على المسلمين أن يستعملوا ما يضرهم ، فالواجب على كل من يتعاطاهما تركهما والحذر منهما لقول الله _ عز وجل _ في سورة المائدة يخاطب نبيه صلى الله عليه وسلم : { يسئلونك ماذا أُحل لهم قل أُحل لكم الطيبات } وقولهُ سبحانه _ في سورة الأعراف في وصف نبيه محمد صلى الله عليه وسلم : { ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث } وجميع أنواع التدخين والشيشة من جملة الخبائث الضارة بالإنسان فتكون جميع أنواعهما محرّمة بنص هاتين الآيتين وما جاء في معناهما ، ونسأل الله أن يهدي المسلمين لما فيه صلاحهم ونجاتهم وأن يعيذهم مما يضرهم في الدنيا والآخرة إنهُ خير مسؤول)) (6).

سؤال : سُئلت اللجنة الدائمة للإفتاء هذا السؤال / والدي يمتلك محلاً يبيع فيه الشيشة ( النارجيلة ) وقد نصحته كثيراً في هذا الأمر وهو مقتنع أن التدخين حرام لكن يقول : إن بيع الشيشة ليس حراماً فهل من الممكن أن تبعث لي بفتوى في حكم بيع أدوات التدخين ؟
جواب : (( يحرم بيع الشيشة وأدواتها التي تستعمل في شربها لما فيها من المضار والمفاسد العظيمة)) (7) .

سؤال : سُئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين _ رحمهُ الله تعالى _ عضو هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية السابق ، هذا السؤال : أرجو من سماحتكم بيان حكم شرب الدخان والشيشة مع ذكر الأدلة على ذلك ؟
جواب : شرب الدخان محرّم وكذلك الشيشة ، والدليل على ذلك قولهُ _ تعالى _ { ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً } ( سورة النساء ، الآية 29). وقولهُ تعالى _:{ ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة } ( سورة البقرة ، الآية 195) . وقد ثبت في الطب أن تناول هذه الأشياء مضر، وإذا كان مضراً كان حراماً ، ودليل آخر قولهُ _ تعالى _ { ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما } ( سورة النساء ، الآية 5 ) . فنهى عن إتيان السفهاء أموالنا ، لأنهم يبذرونها ويفسدونها ولا ريب أن بذل الأموال في شراء الدخان والشيشة أنهُ تبذير وإفساد لها ، فيكون منهيّا عنه بدلالة هذه الآية ومن السنة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن إضاعة المال ، وبذل الأموال في هذه المشروبات ( الشيشة والسجائر ) من إضاعة المال . ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( لا ضرر ولا ضرار )) وتناول هذه الأشياء موجب للضرر ولأن هذه الأشياء توجب للإنسان أن يتعلق بها فإذا فقدها ضاق صدره وضاقت عليه الدنيا فأدخل على نفسه أشياء هو في غنى عنها(8)

سؤال :سُئل فضيلة الدكتور الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين _ عفا اللهُ عنه _ هذا السؤال ما الحكم الشرعي للدخان والشيشة ؟ وماحكم شربهما أو تعاطيهما ؟ وكيف يتصرف من كان أحد أقاربه مُبتلى بهما ؟
جواب : (( لاشك أن الدخان والنارجيلة(9) والشمة(10) ونحوها محرّمة لأنها خبيثة كلها / وقد قال _ تعالى _ : {ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث} ولأنها مضرة بالصحة وجالبة لأمراض خبيثة تسبب الموت أو مقدماته وقد قال تعالى _ : { ولا تقتلوا أنفسكم } وقال _ جلَّ وتعالـى _ :{ ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة} ولأنها إسراف وإفساد للمال المحترم في غير فائدة والمبذرون كانوا إخوان الشياطين( 11) ، وننصح من أُبتلي بشيء منها بالتوبة والإقلاع فوراً والعزم على أن لا يعود والاستعانة بالله على تركها والصبر أياماً قليلة حتى يتخلى عنها ويُشفى ، من آلامها واللهُ الشافي ))(12 ) .

سؤال : سُئلت اللجنة الدائمة للإفتاء هذا السؤال / ما هو حكم السجائر والشيشة هل هي حرام أم مكروه ؟ وإذا كانت حراماً أريد الدليل من كتاب الله وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم ثم ما حكم من شرب السجائر والشيشة وهو محرم بالحج والعمرة ؟
جواب : (( شرب السجائر والشيشة حرام لما في ذلك من الضرر ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( لاضرر ولا ضرار )) ، ولأنهما من الخبائث وقد قال الله _ تعالى _ : { ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث } وإنفاق المال في ذلك من الإسراف وقد نهى الله _ تعالى _ عن ذلك فقال : { ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين } ( سورة الأنعام ، الآية 141 ، والأعراف، 31 ) .وإذا لعب الشيطان بالإنسان فشربهما فقد أساء وعليه التوبة والاستغفار عسى أن يغفر الله له ويتوب عليه ، وإذا حصل ذلك منه في حج أو عمرة لم يفسد حجه ولا عمرته . وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم )) (13 ).

سؤال : نحن مقاطعة جيزان وخاصة البادية ، عندنا النشوق الذي يقال له : ( الشمة ) أيضاً ومدمن عليه الأكثر، بعضهم يصلون بالناس في المساجد، وأهل الدين الذين لا يرضون بمنكر قط، ولكن هذه الشمة لم يقدروا على اعتزالها، وفيه محاولة شديدة على اعتزالها، ولكن للأسف لم يقدروا، وناس تركوها وأصابهم مرض مثل : ورم الفم، وورم البطن، وسيلان الأسنان بالدم، والغضب الشديد، وعدم القدرة على الأعمال، والقلق، والبعض سروا وخلصهم الله منها، والبعض عادوا لها، والكثير يحاول تركها. أفتونا جزاكم الله عنا خير الجزاء فيمن حاول ولم يقدر مدى الأثر على الدين، وهل صومه وصلاته وحجه صحيح، ومقدار الكفارة لمن لم يقدر على مفارقتها؟ لأن الكثير لم يقدر أن يتركها، وماهي الكفارة؟
جواب: يحرم تعاطي الشمة، ويجب على متعاطيها الإقلاع عنها بأن يصدق العزم، وأن يكون قوي الإرادة في تركها، وأن يكثر من ذكر الله والاستغفار، وصلاة متعاطيها وصومه وحجه صحيح إذا استوفى كل منها شروط صحته، ولا تأثير لاستعمال الشمة في ذلك وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم..

سؤال: ما حكم شرب مادة الشمة عامة، وما حكم من يتعاطاها في نهار رمضان خاصة، وهل هي تفطر الصائم في نهار رمضان؟ مع العلم أن بعض سكان (تهامة قحطان) يستخدم الشمةفي نهار رمضان ويدعون أنها لا تفطر.
جواب : الشمة مادة خبيثة, لأنها مركبة من مواد خبيثة محرمة، واستعمالها من الصائم مع مافيه من الإثم يبطل صومه كسائر استعمال المواد المفطرة.وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم

سؤال : هل استنشاق الدخان حلال أو حرام ؟
جواب: استنشاق الدخان وشربه ومضغه لا يجوز؛ لما ثبت من ضرره شرباً ومضغاً واستنشاقاً، وكل ما غلب ضرره أو استوى نفعه وضرره فهو محرم. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم
بسم الله الرحمن الرحيم
أحكام التدخين في ضوء النصوص والقواعد الشرعية
فضيلة الشيخ د/ يوسف بن عبدالله القرضاوي
الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله وعلى آله وصحبه ومن نهج نهجه ( وبعد )، ظهر هذا النبات المعروف الذي يطلق عليه اسم " الدخان " أو ( التبغ ) أو (التمباك) أو ( التتن) ، في آخر القرن العاشر الهجري، وبدأ استعماله يشيع بين الناس، مما أوجب على علماء ذالك العصر أن يتكلموا في بيان حكمه الشرعي.
ونظراً لحداثته وعدم وجود حكم سابق فيه للفقهاء المجتهدين، ولا من بعدهم من أهل التخريج والترجيح في المذاهب، وعدم تصورهم لحقيقته ونتائجه تصوراً كاملاً، مبنياً على دراسة علمية صحيحة ، اختلفوا فيه اختلافاً بيناً.
فمنهم من ذهب إلى حرمته ومنهم من أفتى بكراهته ومنهم من قال بإباحته. ومنهم من لم يطلق حكماً بل ذهب إلى التفصيل . ومنهم من توقف فيه وسكت عن البحث عنه ( أنظر : مطالب أولى النهى شرح غاية المنتهى في فقه الحنابلة ج6 ص 218)
وكل أهل مذهب من المذاهب الأربعة فيهم من حرمه، وفيهم من كرهه، وفيهم من أباحه ولهذا لا نستطيع أن ننسب إلى مذهب القول بإباحة أوتحريم أو كراهة .
أدلة المحرمين :
أما المحرمون فاستندوا إلى عدة اعتبارات شرعية يجمع شتاتها ما يلي :
1. الإسكار:
فمنهم من قال إنه مسكر، وكل مسكر حرام ، والمراد بالمسكر في قولهم : مطلق المغطي للعقل ، وإن لم يكن معه الشدة المطربة قالوا: ولا ريب أنها حاصلة لمن يتعاطاه أول مرة.
وبعضهم قال : معلوم أن كل من شرب دخاناً كائناً من كان أسكره، بمعنى أشرقه، وأذهب عقله بتضييق أنفاسه ومسامه عليه ، فالإسكار من هذه الحيثية لا سكر اللذة والطرب ( الفواكه العديدة في المسائل المفيدة. الشهير بمجموع المنقور ج2).
ورتب بعضهم على هذا عدم جواز إمامة من يشربه .
2. التفتير والتخدير.
وقالوا : إن لم يسلم أنه يسكر، فهو يخدر ويفتر وقد روى الإمام أحمد وأبو داود عن أم سلمة أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ " نهى عن كل مسكر " . ( رمز له السيوطي في الجامع الصغير بعلامة الصحة وأقره المناوي في فيض القدير ).
قالوا: والمفتر ما يورث الفتور والخدر في الأطراف وحسبك بهذا الحديث دليلاً على تحريمه .
3. الضرر:
والضرر الذي ذكروه هنا ينقسم إلى نوعين :
(أ‌) ضرر بدني : حيث يضعف القوى ، ويغير لون الوجه بالصفرة ، والإصابة بالسعال الشديد، الذي قد يؤدي إلى مرض السل .
ومن سديد ما قاله بعض العلماء هنا : أنه لا فرق في حرمة المضر بين أن يكون ضرره دفعياً ( أي يأتي دفعة واحدة ) أوأن يكون تدريجياً ، فإن التدريجي هو الأكثر وقوعاً .
(ب‌) ضرر مالي : ونعني به أن في التدخين تبذيراً للمال، أي إنفاقه فيما لا يفيد الجسم ولا الروح، ولا ينفع في الدنيا ولا الآخرة، وقد نهى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن إضاعة المال . وقال الله تعالى : ( ولا تبذر تبذيراً . إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفوراً )(الإسراء:27) .
وقال أحد العلماء:
لو اعترف شخص أنه لا يجد فيه نفعاً بوجه من الوجوه، فينبغي أن يحرم عليه، لا من حيث الاستعمال .بل من حيث إضاعة المال ، إذ لا فرق في حرمة إضاعته بين إلقائه في البحر وإحراقه بالنار ، أو غير ذلك من وجوه الإتلاف.
وممن حرم الدخان ونهى عنه من علماء مصر فيما مضى : شيخ الإسلام أحمد السنهوري البهوتي الحنبلي ، وشيخ المالكية إبراهيم اللقاني ، ومن علماء المغرب: أبو الغيث القشاش المالكي . ومن علماء دمشق : نجم الدين بن بدر الدين ابن مفسر القرآن ، العربي الغزي العامري الشافعي .
ومن علماء اليمن : إبراهيم بن جمعان ، وتلميذه أبو بكر الأهدل .
ومن علماء الحرمين : المحقق عبد الملك العصامي ، وتلميذه محمد بن علامة ، والسيد عمر البصري. وفي الديار الرومية ( التركية ) الأعظم محمد الخواجه، وعيسى الشهواي الحنفي ، ومكي بن فرو المكي ، والسيد سعد البلخي المدني .كل هؤلاء من علماء الأمة أفتوا بتحريمه ونهوا عن تعاطيه .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق